بسم الله الرحمن الرحيم
الدكتور عثمان عبد الوهاب مستشار قانوني وباحث وأستاذجامعي
يمكن حصر جهود الجمعية العامة للأمم المتحدة فى مكافحة الإرهاب من خلال الإتفاقيات الدولية، والقرارات، والإستراتيجيات.
أ- الإتفاقيات الدولية:
فى إطار مكافحة جرائم الإرهاب بشكل عام ، صادق السودان على العديد من الإتفاقيات (1) . كما صادق فى 2003م على الإتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب لسنة 1999م التى أُعتمدت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 54/109 المؤرخ فى التاسع من ديسمبر1999م، والتى جاءت أولى خطواتها فى مكافحة تمويل الإرهاب من خلال: تعريفها للأموال التى يمكن أن تُقدّم أو تجمّع بنية استخدامها فى تمويل الإرهاب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وبصفة فردية أو بالإشتراك ، ونصها على تدابير(2) لمنع تمويل الإرهاب منها:- التدابير الخاصة باعتبار كل الممارسات المتعلقة بتمويل الإرهاب جرائم جنائية وفقاً للقوانين الداخلية للدول والمعاقبة عليها بعقوبات مناسبة.
- التدابير الخاصة بالنص على المسؤولية الجنائية أو المدنية أو الإدارية للشخص الإعتبارى فى القوانين الداخلية للدول وإخضاعه لجزاءات جنائية أو مدنية أو إدارية.
- التدابير الخاصة بتقرير الولاية القضائية للدول على جرائم تمويل الإرهاب.
- التدابير الخاصة بتحديد أو كشف أو تجميد أو حجز أى أموال مستخدمة أو مخصصة بغرض ارتكاب جريمة تمويل الإرهاب وفقاً للقوانيين الوطنية للدول.
- التدابير المناسبة لمصادرة الأموال المستخدمة أو المخصصة لارتكاب جرائم تمويل الإرهاب والعائدات المتأتية منها، وتخصيص المبالغ المتأتية من عمليات المصادرة لتعويض ضحايا العمليات الإرهابية.
- التدابير الخاصة بالتحقيق مع المشتبه بهم فى ارتكاب جرائم تمويل الإرهاب.
- التدابير الخاصة بتسليم المجرمين فى إطار إتفاقيات التعاون القانونى والقضائى.
ب- قرارات الجمعية العامة بشأن مكافحة تمويل الإرهاب:
كذلك إن السودان معنى بالقرارات التى أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فى إطار مكافحة وتمويل الإرهاب والتى من أبرزها(3):
1. القرار 40/61 في 9 ديسمبر 1985 م والذى أكدت من خلاله على ضرورة التصدّي لظاهرة الإرهاب، وحثّ الدول على التعاون فى مكافحته .
2. القرار 42/159 فى7 ديسمبر1987، والذى أكدت من خلاله على التدابير الضرورية لمكافحة تمويل الإرهاب.
3. القرار 51/210 المؤرخ فى 17 ديسمبر 1996م والذى طلبت الى جميع الدول بموجب الفقرة (3/و) منه: إتخاذ خطوات بالوسائل الداخلية الملائمة لمنع تمويل الإرهابيين والمنظمات الإرهابية، والحيلولة دون هذا التمويل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق منظمات ذات أهداف خيرية أو إجتماعية أو ثقافية، أو العمل فى أنشطة غير مشروعة مثل الإتجار غير المشروع بالأسلحة والمخدرات وابتزاز الأموال، وإستغلال الأشخاص لأغراض تمويل الأنشطة الإرهابية، والنظر فى إعتماد تدابير تنظيمية لمنع تحركات الأموال المشتبه فى أنها لأغراض إرهابية ، والتصدى لهذه التحركات، وتوسيع نطاق تبادل المعلومات المتعلقة بالتحركات الدولية لهذه الأموال.
4. القرار 52/165 المؤرخ فى 15 ديسمبر 1997م الذى طلبت فيه الى الدول تنفيذ التدابير الواردة فى الفقرات 3(أ- و) من قرارها 51/210 أعلاه.
5. القرار رقم 65/74 بتاريخ 8 ديسمبر 2010م ، والخاص بمنع حيازة الإرهابيين للمصادر المشعة.
6. القرار رقم 66/50 بتاريخ 2 ديسمبر 2011م، والخاص بتدابير منع الإرهابيين من حيازة أسلحة الدمار الشامل.
ت- إستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد:
للتحدى الذى شكله الإرهاب، ولضرورة تكاتف الجهود لمعالجته بشكل شامل وجماعى وحاسم لتعزيز السلام والأمن الدوليين، أصدرت الأمم المتحدة بموجب قرارها (60/288) فى 8سبتمبر 2006م إستراتيجية لمكافحة الإرهاب تقوم على أربع ركائز من التدابير(4) :-1- التدابير الرامية الى معالجة الظروف المؤدية الى انتشار الإرهاب:
جاءت هذه التدابير فى إطار سياق عام من خلال عدة خطوات تتخذها الجمعية العامة للأمم المتحدة تستهدف القضاء على أسباب الإرهاب من قبيل(5):
- منع نشوب الصراعات، والتفاوض، والوساطة، والتوفيق، والتسوية القضائية، وسيادة القانون، وحفظ وبناء السلام من أجل المساهمة في الحيلولة دون نشوب الصراعات طويلة الأمد التي تستعصي على الحل، ومكافحتها بالوسائل السلمية بما يساهم في تعزيز مكافحة الإرهاب على الصعيد العالمي من خلال جهود مكتب دعم بناء السلام ووحدة دعم الوساطة بالأمم المتحدة.
- تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات والشعوب والأديان، وتعزيز الاحترام المتبادل للأديان والقيم والمعتقدات الدينية والثقافات ومنع التشهير بها.
- الترويج لثقافة السلام والعدالة والتنمية البشرية، والتسامح العرقي والوطني والديني، واحترام جميع الأديان و القيم الدينية و المعتقدات و الثقافات من خلال وضع برامج للتثقيف والتوعية العامة وتشجيعها من خلال جهود منظّمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة( اليونسكو).
- العمل على تحقيق الأهداف والغايات الإنمائية بما فى ذلك الأهداف الإنمائية للألفية، بهدف القضاء على الفقر، وتعزيز النمو الاقتصادي المتواصل، وتحقيق التنمية المستدامة والرفاه العالمي للجميع.
- تحقيق خطط التنمية وتعزيزها والدمج الاجتماعي على جميع الأصعدة، انطلاقًا من إدراك أنّ إحراز نجاح في هذا المجال، ولاسيّما في ما يتعلّق ببطالة الشباب، أمر يمكن أن يحدّ من التهميش، وما يستتبعه من شعور بالغبن يغذّي التطرّف والتجنيد لصالح الإرهاب.
- رفع مستوى التعاون والمساعدة اللذين تقدّمهما منظّمة الأمم المتحدة في مجالات سيادة القانون وحقوق الإنسان والحكم الرشيد دعمًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية .
2- التدابير المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب:
وتتعلق هذه الطائفة من التدابير بحرمان الإرهابيين من الوصول إلى الوسائل التي تمكّنهم من شنّ اعتداءاتهم، وبلوغ أهدافهم وتحقيق الأثر المتوخى من أعمالهم الإرهابية، ومنها:
- الامتناع عن تنظيم أنشطة إرهابية أو التحريض عليها أو تيسيرها أو المشاركة فيها أو تمويلها أو التشجيع عليها أو التهاون إزاءها، واتخاذ تدابير عملية مناسبة تكفل عدم استخدام أراضي الدول لإقامة منشآت أو معسكرات تدريب إرهابية، أو لتدبير أعمال إرهابية أو تنظيمها، ترتكب ضدّ دول أخرى أو ضدّ مواطنيها.
- تعزيز التعاون بين الدول في مكافحة الجرائم ذات الصلة بالإرهاب، بما فى ذلك الاتجار بالمخدرات بجميع جوانبه، والاتجار غير المشروع بالأسلحة، ولاسيّما الأسلحة الصغيرة الخفيفة، بما فيها منظومات الدفاع الجوي المحمولة، وغسل الأموال، وتهريب المواد النووية والكيميائية والبيولوجية والإشعاعية وغيرها من المواد الفتاكة.
- تشجيع الدول على تطبيق المعايير الدولية الشاملة التي تجسّدها التوصيات الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب، بما فى ذلك توصيات مجموعة العمل المالى الدولية FATFبشأن مكافحة تمويل الإرهاب.
- تكثيف التعاون الدولى والإقليمي، بهدف تحسين مراقبة الحدود والضوابط الجمركية لمنع تحرّك الإرهابيين وكشفهم، ومنع الاتجار غير المشروع بالأسلحة والذخائر والمتفجرات التقليدية، والمواد النووية أو الكيميائية أو البيولوجية أو الإشعاعية وكشفها.
- تشجيع لجنة مكافحة الإرهاب على مواصلة العمل مع الدول، بهدف تيسير اعتماد تشريعات واتخاذ تدابير إدارية لتنفيذ الالتزامات المتصلة بمنع سفر الإرهابيين، مستفيدة من الممارسات التي طوّرتها المنظّمات الدولية التقنية، كمنظّمة الطيران المدني الدولي، ومنظّمة الجمارك العالمية، والمنظّمة الدولية للشرطة الجنائية".
3- التدابير الرامية الى بناء قدرات الدول على منع الإرهاب ومكافحته:
- تقديم المساعدة التقنية والمالية للدول لبناء قدراتها في مجالات أمن الموانئ والأمن البحري وأمن الطيران المدني.- تشجيع صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والمنظّمة الدولية للشرطة الجنائية، على تعزيز التعاون مع الدول لمساعدتها على الإمتثال للمعايير والالتزامات الدولية المتصلة بمكافحة تمويل الإرهاب.
- مساعدة الدول على بناء قدراتها على منع الإرهابيين من الحصول على المواد الكيميائية، وإقامة حلقات عمل تدريبية وطنية وإقليمية لبناء القدرات فى مجال صياغة التشريعات وتعزيز قدرات القطاع المالي على مكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، مع الإشارة فى هذا الصدد الى دور المنظّمة الدولية للشرطة الجنائية فى تنسيق برامج تدريبية عديدة تشمل مجالات مختلفة ذات أولوية من مجالات الجريمة، وترمي إلى تحسين قدرة الدول على مكافحة الإرهاب".
4- التدابير الرامية إلى ضمان احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون في سياق مكافحة الإرهاب:
هنالك سمة علاقة بين تعزيز حقوق الإنسان للجميع وحمايتها، وسيادة القانون، أبرزتها استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب تظهر من خلال التدابير التالية:
- ضرورة أن تكفل التدابير المتخذة لمكافحة الإرهاب، الوفاء بالالتزامات المنوطة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وقانون اللاجئين، والقانون الإنساني الدولي، بمعنى عدم إنتهاك حقوق الإنسان بزريعة مكافحة تمويل الإرهاب.
- إنشاء نظام للعدالة الجنائية وتعهده من قبل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، يتسم بالفعالية ويقوم على سيادة القانون، يكفل تقديم أي شخص يشارك في تمويل الأعمال الإرهابية أو التخطيط لها أو تدبيرها أو ارتكابها أو دعمها إلى العدالة.
- تعزيز جميع حقوق الإنسان وحمايتها، وتنفيذ تدابير فعّالة لمكافحة الإرهاب، وذلك كهدفين متكاملين يعزّز كل منهما الآخر.
ثانياً: جهود مجلس الأمن فى مكافحة تمويل الإرهاب:
بدأ إهتمام مجلس الأمن بقضايا الإرهاب مع بداية تسعينيات القرن العشرين. وقد كانت قراراته في تلك المرحلة تتخذ شكل جزاءات تفرض على الدول بموجب الفصل السابع فى إدعاءات ذات صلة بأعمال إرهابية على شاكلة القرارات التى صدرت ضد كل من ليبيا 1992م، والسودان 1996م، وطالبان 1999م، وتنظيم القاعدة فى 2000م(6).
وفى ظل إزدياد ظاهرة الإرهاب وإلحاقها بالغ الضرر بمفهوم السلم والأمن الدولين، سادت فكرة التعاون الدولى لمكافحة الإرهاب وتمويله . وفى هذا الإطار أصدر مجلس الأمن الدولى العديد من القرارات أهمها: القرارات 1267/1373.
عقب هجمات 11 سبتمبر 2001م على الولايات المتحدة،صدر قرار مجلس الأمن 1373، الخاص بتسيمة الأشخاص والكيانات الإرهابية، والذى ألزم الدول الأعضاء بتنفيذ عدد من التدابير الرامية إلى تعزيز قدرتها القانونية والمؤسسية على التصدي للأنشطة الإرهابية، من بينها:
1. اتخاذ خطوات من أجل تجريم تمويل الإرهاب.2. القيام من دون تأخير بتجميد أي أموال لأشخاص يشاركون في أعمال الإرهاب.
3. منع الجماعات الإرهابية من الحصول على أي شكل من أشكال الدعم المالي.
4. عدم توفير الملاذ الآمن أو الدعم أو المساندة للإرهابيين.
5. تبادل المعلومات مع الحكومات الأخرى عن أي جماعة تمارس أعمالاً إرهابية أو تخطّط لها.
6. التعاون مع الحكومات الأخرى في التحقيق في تلك الأعمال الإرهابية واكتشافها واعتقال المشتركين فيها وتسليمهم أو تقديمهم للعدالة.
7. تجريم مساعدة الإرهابيين مساعدة فعلية أو سلبية في القوانين المحلية، وتقديم مخالفيها للعدالة.
8. اتخاذ تدابير تساعد على التعاون الدولي القضائي، وبين أجهزة الشرطة وتشيجعه.
9. توقيع اتفاقيات الأمم المتحدة والتصديق عليها، والانضمام إلى الصكوك الدولية لمكافحة الإرهاب.
10. تطوير برامج المعونة الفنية التي تهدف إلى تقوية قدرات الدول الأعضاء التنفيذية في مجال مكافحة تمويل الإرهاب.
11. تقديم تقارير منتظمة من الدول إلى لجنة مكافحة الإرهاب في شأن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ القرار.
2 تعليقات
قدام ي دكتور
ردحذفجميل ي دكتور معلومات قيمة مفيدة جداً🌹
ردحذفنسأل الله لك التوفيق والسداد ومزيداً من التقدم