نحو إنشاء دائرة لتوحيد المبادئ بالمحكمة القومية العليا

 نحو إنشاء دائرة لتوحيد المبادئ بالمحكمة القومية العليا 


القارئ لمجلات الأحكام القضائية السودانية حديثها وتليدها وكذا الأحكام غير المنشورة الصادرة من المحكمة العليا يلاحظ تهاترا في الأحكام وعدم استقرار للمبادئ وتباين غير مبرر بين الاحكام الناسخة والمنسوخة بصورة تسترعي النظر والتأمل ،كيف لا وأن المحكمة العليا (محكمة النقض) تتربع علي قمة هرم المحاكم في الدولة ويناط بها التفسير السليم لأحكام القوانين واللوائح باستخلاص المبادئ الهادية للمحاكم الادني باعتبارها قمة التشكيل القضائي .

ولعل الناظر الي المبادئ الناسخةسيما حول السجال الدائر في دوائر  المحكمة العليا في تحديد سن المسؤولية الجنائية للطفل نجده ترك أحكاما معلقة نهائية تستعصي علي التنفيذ إذ صدرت أحكام بالاعدام قصاصا لأطفال منذ العام ٢٠١٤م ولم تنفذ بعد فإذا نفذت تعتبر حكومة السودان انتهكت اتفاقية حقوق الطفل ١٩٨٩م وقواعد هافانا وبكين الدنيا وهو ما يرتب عليها مسؤولية دولية بل وتعتبر منتهكة للدستور الذي صدرت في ظله هذه الأحكام(دستور السودان الانتقالي لسنة ٢٠٠٥م ) ومنتهكة لدستور السودان الذي تنفذ في ظله الأحكام(الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة ٢٠١٩م تعديل ٢٠٢٠م )

هذا الوضع المعقد والصارخ يعد إفراز سالب لتناقض المبادئ و الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا و مسخ مشوه لتطبيق قانون الطفل لسنة ٢٠١٠م وعدم التزام حكومة السودان بالاتفاقيات الدولية المصادق عليها ،

هذا والحال كذلك ولن ينجلي تهاتر الأحكام والمبادئ إلا بإنشاء دائرة بالمحكمة العليا تعني بتوحيد المبادئ (تسمي دائرة توحيد المبادئ) تستهدف ضمان عدم تعارض المبادئ القانونية التي تلتزم بها المحاكم الادني عند الفصل في المنازعات تحقيقا للمساواة ولسيادة الدستور والقانون ضمانا لحسن سير العدالة وعدم اضطراب واختلاف المراكز القانونية للمتقاضين باختلاف المحاكم والدوائر التي تنظر النزاع وتوحيدا للتطبيق والتفسير الصحيح لأحكام الدستور والقوانين واللوائح والاتفاقيات الدولية وإعلاء للمشروعية الموحدة للأسس والمبادئ .

وانشاء هذه الدائرة لا يكون بقرار من رئيس القضاء فهو غير مخول قانونا باختصاص إنشاء دوائر المحكمة العليا واختصاصها وإنما إنشاؤها يكون بتعديل المادة ١٣ (دوائر المحكمة العليا واختصاصها )من قانون السلطة القضائية لسنة ١٩٨٦(تعديل)٢٠١٧م 

بإضافة هذه الدائرة الي جانب الدائرة المدنية والجنائية ودائرتي الأحوال الشخصية للمسلمين وغير المسلمين 

ليختص رئيس القضاء عقب ذلك بتشكيل الدائرة بعد إنشاؤها 

ويجب أن تشكل علي اقل تقدير من عشرة قضاة مشهود لهم بالعلم والدقة وسعة الاطلاع 

وهي سلطة تقديرية لرئيس القضاء ولكن يجب أن تقيد بضوابط واشتراطات حتي تصدر الدائرة أحكاما توحد فيها المبادئ توحيدا لا يقبل التأؤيل ولايمس جوهر الأحكام المتهاترة وإنما  تقف عند المبادئ محل التباين لتوحدها 


المستشار/الصادق عبدالله ابراهيم

إرسال تعليق

0 تعليقات