لانطباق الجريمة تحت المادة ١٨٣(التعدي) يجب ان يقع علي حيازة فعليه

 لانطباق الجريمة تحت المادة ١٨٣(التعدي) يجب ان يقع علي حيازة فعليه


بسم الله الرحمن الرحيم 

المحكمة القومية العليا

الدائرة الجنائية

أمام السادة:

صـلاح التيجانــي رئيساً

محمـد علي خليفـة عضواً

محمد زمراوي ناصر عضواً

النمرة: م ع/ ف ج/345/2007م

محاكمة/ صالح عبد المجيد علي

"الحكــــم"

بتاريخ 17/5/2005م قدم المتهم صالح عبد المجيد علي للمحاكمة أمام محكمة جنايات النصر العامة بالخرطوم وذلك لقيامه بالتعدي على قطعة الأرض الزراعية المملوكة والمسجلة في اسم الشاكي علي أحمد محجوب بالرقم 119 السبيل الخرطوم لدى مكتب تسجيلات الأراضي وفقاً لقانون تسوية الأراضي وتسجيلها لسنة 1925م. وتوصلت المحكمة المذكورة إلي حكم بتاريخ 20/11/2005م قضى ببراءة المتهم من التهمة الموجهة له تحت المادة 183 من القانون الجنائي لسنة 1991م وأمرت بإطلاق سراحه فوراً وتأيد ذلك الحكم أمام محكمة الاستئناف والمحكمة العليا- إلا أن المحكمة العليا دائرة المراجعة وعند تقديم طلب لها لمراجعة حكمها بواسطة الشاكي أصدرت حكماً قضى بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة العليا وأمرت بإعادة أوراق المحاكمة لمحكمة الموضوع لتعيد النظر في قرارها السابق بالحكم ببراءة المتهم بناء على ما جاء بمذكرة الحكم الصادر من المحكمة العليا دائرة المراجعة حيث أعيدت الأوراق أمام قاضي الجنايات والذي توصل في 30/5/2007م إلي حكم قضى بإدانة المتهم المذكور تحت المادة 183 من القانون الجنائي لسنة 1991م وحكم عليه بتسليمه لولي أمره تطبيقاً لأحكام المادة 48 من القانون الجنائي حيث أن المحكوم عليه قد بلغ السبعين من عمره كما أمرت المحكمة بإزالة التعدي الذي وقع من المحكوم عليه وتمكين الشاكي من الحيازة إضافة إلي إلزام المحكوم عليه بسداد مبلغ 1.158.677 دينار للشاكي عبارة عن تعويض لما لحق الشاكي من ضرر على أن يتم تحصيل ذلك التعويض المحكوم به وفقاً لنص المادة 198 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م. وعند الطعن في ذلك الحكم بواسطة المتهم عن طريق تقديم التماس لمحكمة الاستئناف لفحص إجراءات المحاكمة – توصلت محكمة الاستئناف إلي تأييد الإدانة والعقوبة. ومن ثم قدم محامي المتهم التماساً لهذه المحكمة لكي تمارس سلطاتها في الفحص بموجب أحكام المادة 188 من قانون الإجراءات الجنائية لذا فإن الطلب يعد مقبولاً من هذا الجانب.

وموضوعاً، فإن الطلب المقدم من جانب الطاعن قد ارتكز على مخالفة الحكم الصادر للقانون والوزن السليم للبينات ومخالفة ما وجهت به المحكمة العليا دائرة المراجعة في حكمها على الوجه


م ع/ ف ج/345/2007م(ص2)


التالي:-

خالف الحكم الصادر نص المادة 104 من قانون الإجراءات الجنائية والذي يقرر عدم اختصاص المحكمة الجنائية برد الحيازة إلا إذا اقترنت الجريمة باستعمال القوة الجنائية أو الإرهاب- ولم يثبت أن المتهم في هذه المحاكمة قد استعمل القوة الجنائية أو قام بإرهاب الشاكي.

خالف الحكم الصادر القانون عندما قضى بتعويض الشاكي مبلغ 1.158.667 ديناراً لما لحقه من ضرر. حيث لم تتوفر البينات التي تؤدي إلي ذلك الحكم ولم يتم تقدير المبلغ المحكوم به تقديراً سليماً كما أنه لم يكن هنالك ضرر يستوجب الحكم بالتعويض إضافة إلي أن ورقة التهمة لم تشتمل على الادعاء بالتعويض ولم يرد عليها المتهم.

خالف الحكم الصادر ما وجهت به المحكمة العليا دائرة المراجعة فيما يتعلق بالتعويض ولم تتعرض له في حكمها.

خالف حكم محكمة الاستئناف القانون لأنه جاء من غير تسبيب في الجانب المتعلق بمسألة التعويض. 

والتمس الطاعن إلغاء جانب الحكم المتعلق بالتعويض.

ومن خلال الإطلاع على محضر المحاكمة نجد أن الإدانة والتي لم يطعن فيها المدان – ربما لقناعته بأنها جاءت سليمة، نجد أنها فعلاً جاءت سليمة وذلك وفقاً لما أورده شهود الاتهام بدءاً بالشاهد زكريا عيسى رحمة الذي أكد في أقواله أن علاقته بالشاكي بدأت منذ أن بدأ بالزراعة له في حواشته موضوع الدعوى منذ عام 1994م إضافة لما ذكره الشاهد النور إبراهيم محمد والذي أكد في أقواله أن علاقته بالشاكي بدأت منذ عام 1994م وأنه سبق له أن قام بزراعة أرض الشاكي وأن الشاكي استمر في زراعة الأرض موضوع الدعوى حتى عام 2004م وكذلك ما أدلى به الشاهد محمد توت دواس عن حيازة الشاكي. وأقوال هؤلاء الشهود تؤكد ما ذهب إليه الشاهد عبد المجيد أحمد حافظ والذي كان يعمل بقسم المساحة للأراضي الزراعية من أنه قام بتسليم الشاكي أرض النزاع في عام 1993م. وكل هذه الإفادات يتأكد منها أن أرض النزاع كانت فعلاً في حيازة الشاكي – إضافة لذلك فلقد ثبت أنه وأثناء قيام حيازة الشاكي لأرض النزاع أن قام المتهم في هذا البلاغ بفتح بلاغ بالتعدي ضد الشاكي في هذا البلاغ حيث كانت محكمة أول درجة قد أدانت المتهم في ذلك البلاغ والشاكي حالياً إلا أن ذلك الحكم قد ألغي بواسطة محكمة الاستئناف بتاريخ 18/2/2000م حيث حكم ببراءة المتهم مع توجيه الشاكي في ذلك البلاغ والمتهم باللجوء للمحكمة المدنية للنظر في أمر الحيازة المتداخلة للطرفين وقد تأيد حكم محكمة الاستئناف من المحكمة العليا والمحكمة العليا دائرة المراجعة حيث أصدرت الأخيرة حكمها بتاريخ 1/3/2002م مما يعني استمرار حيازة الشاكي لأرض النزاع 

م ع/ ف ج/345/2007م(ص3)


على نحو ما جاء بحكم المحكمة العليا دائرة المراجعة الصادر في القضية الحالية بالرقم/مراجعة/180/2006م وبدلاً من أن يلجأ المتهم في هذا البلاغ والشاكي في البلاغ الأول إلي الجهات الإدارية أو المحكمة المدنية لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحديد أرضه من أرض الشاكي على نحو ما جاء في الأحكام السابقة لجأ المتهم إلي أخذ حقه بيده وقام بالتعدي على حيازة الشاكي بأن قام بتكليف الشاهد النور إبراهيم بزراعة أرض الشاكي بعد أن أوهمه بأن أرض النزاع كلها قد آلت إليه بموجب حكم المحكمة وأبرز له صورة من حكم المحكمة الابتدائية والذي قامت محكمة الاستئناف بإلغائه مع علم المتهم بإلغاء ذلك الحكم حيث  أن إلغاء محكمة الاستئناف لحكم المحكمة الابتدائية كان في 18/2/2000م وتقديم المتهم لصورة الحكم الابتدائي للشاهد كان في عام 2005م تاريخ التعدي على أرض النزاع. ومن كل ذلك أجد أن إدانة المتهم تحت المادة 183 من القانون الجنائي لسنة 1991م جاءت سليمة وموافقة لصحيح القانون وكذلك التدبير الصادر تبعاً لها. 

وفيما يتعلق بما أثاره مقدم الطلب فيما يتعلق بالتعويض المحكوم به ورد حيازة أرض النزاع للشاكي نرى الآتي:-

أولاً فيما يتعلق بالتعويض المحكوم به، فلقد قدم الشاكي بينات قوية تمثلت في أ قوال الشهود الذين قاموا بزراعة أرض النزاع من قبل وبينوا طريقة الزراعة وإنها تزرع مرتان في العام كما قاموا بتحديد سعر الفدان – كما أن ورقة التهمة جاءت متضمنة لمسألة  التعويض بصورة واضحة – خلافاً لما يدعيه محامي الطاعن ولقد جاء تقدير التعويض وفقاً لأسس سليمة على نحو ما جاء بحكم محكمة الموضوع وبعد أن قامت بخصم تكلفة المنصرفات وأجور العمال – ولم يقدم المتهم بينة تناهض ما قدمه الشاكي من بينات في هذا الشأن. لذلك فإن حكم محكمة الموضوع في هذا الجانب جاء سديداً وموافقاً لما نص عليه القانون في المادة 204 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م. والمادة 46 من القانون الجنائي لسنة 1991م.

فيما يتعلق بحكم محكمة الموضوع بإزالة التعدي الذي تم على أرض الشاكي وتمكين الشاكي من استرداد حيازة أرضه – ففي تقديري هذا الجانب من الحكم يجد سنده من المادة (104) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م. فالثابت وكما بيّنا عند مناقشتنا لأسباب صحة الإدانة ومن خلال وقائع البلاغ والمحاكمة أن المتهم وبدلاً من اللجوء إلي الجهات الإدارية المختصة لتحديد أرضه وفقاً للأحكام القضائية الصادرة والتي وجهته إلي ذلك لجأ المتهم إلي أخذ القانون في يده وقام بالاعتداء على  حيازة الشاكي وزراعة أرضه عنوة وما من شك أن فعل المتهم في مثل هذه الظروف لا يمكن أن يفسر إلا بأنه قصد منه إرهاب الشاكي ومضايقته وحرمانه من حقه. لذلك فإن الأمر من جانب محكمة الموضوع برد حيازة الأرض موضوع الدعوى للشاكي يأتي صحيحاً في هذا الإطار.

م ع/ ف ج/345/2007م(ص4)


أخلص من ذلك وأرى أن لا نتدخل في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف والذي صدر مؤيداً حكم قاضي الجنايات.

،، وبالله التوفيق،،،


محمد زمراوي ناصر

قاضي المحكمة العليا

1/8/2007م


الثابت من أقوال الشهود والمستندات حدوث تعدٍ على مشروع الشاكي من قبل المتهم والثابت من المستندات والإقرار وجود توجيه من محكمة مختصة بأن يلجأ المتهم (الشاكي وقتها) للقضاء المدني للحصول على حقه المزعوم إلا أن المذكور فيما يبدو قد صمم على أخذ حقه بيده لذلك أجد نفسي أتفق تماماً مع زميلي صاحب الرأي الأول في الأسباب والنتيجة وأرى أن موضوع التعويض قد سبق إثارته من الشاكي عند أخذ أقواله وطالب بأن يعوض مبلغ خمسين مليون جنيه إلا أنني أرى أن ما تم الحكم به يكفي وليس فيه مبالغة والشاكي قد وضح أنه فات عليه أكثر من موسم زراعي وعليه أرى أن لا نتدخل في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف والذي صدر مؤيداً لمحكمة أول درجة.


صلاح التيجاني

قاضي المحكمة العليا

9/8/2007م


أوافق تماماً أخي زمراوي في مذكرته الضافية وما ذكره أخي صلاح التجاني وأضيف أن التعدي يقع على الحيازة الفعلية وقد ثبتت حيازة الشاكي الفعلية للأرض وبالتالي الدخول بقصد حرمانه من حقه يشكل جريمة في معنى المادة (183) من القانون الجنائي لسنة 1991م وحيث توافرت مسوغات وعناصر التعويض فإن المحاكم العليا ( استئناف وعليا ) لا تتدخل بشأن التعويض الذي يجبر الضرر المادي هو ما يمس الشخص في ماله أو جسمه إلا إذا كان التعويض مبالغاً فيه أو ضئيلاً لا يجبر الضرر، أما عن إزالة آثار التعدي في تقديرنا متى ثبتت إدانة المتهم وتعديه فإن المحكمة ملزمة بإزالة آثار التعدي سوى اقترن ذلك بإرهاب أم لا لذا لا نرى في الحكم ما يبرر تدخلنا ونقضه.

محمد علي خليفة

قاضي المحكمة العليا

15/8/2007م

م ع/ ف ج/345/2007م(ص5)


الأمر النهائي:

نؤيد الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف والمؤيد لحكم محكمة أول درجة ونرفض الطلب.


صلاح التيجاني

قاضي المحكمة العليا

رئيس الدائرة

9/8/2007م


@فوزية

إرسال تعليق

0 تعليقات