ترجمة غير حرفية لحكم المحكمة العليا لولاية فلوريدا الأمريكية في الطعن المقدم في طلب تنحية قاضية المحكمة بسبب صداقتها في فيسبوك مع محامي المطعون ضده والذي صدر بأغلبية ضئيلة ٣/٤ ...
المحكمة العليا
ولاية فلوريدا
جمعية خدمات سيارات الأجرة طاعن
ضد
شركة هاريسون اند هاريسون للمحاماة مطعون ضده
رقم / 1848/SC
١٥/١١/٢٠١٨
القاضي / كاندي سي جي
تتلخص وقائع هذا الطعن في رفض محكمة الموضوع للطلب المقدم من الطاعن برد قاضية محكمة الموضوع بسبب أن المحامي / اسرائيل راي والذي يمثل المطعون ضدهم موجود ضمن قائمة الأصدقاء بفيسبوك بصفحة القاضية الشخصية وأنه بسبب هذه الصداقة فإن الطاعن يخشى أن لا يجد العدالة عندها وأن محامي المطعون ضدها ربما إمتلك نفوذاً أو تأثيرا على المحكمة (يطرح الطعن أسباب جديدة ولكننا لن نناقشها لعدم سبق طرحها في المرحلة الأولى) .
وبموجب إختصاص المحكمة بنظر الطعون بالنقض على أحكام الدائرة الثالثة لمحكمة الإستئناف فإن الإختصاص ينعقد لمحكمتنا وقد أشار الطاعن لأن الحكم صدر مخالفا لحكم سابق صدر من الدائرة الرابعة لمحكمة الإستئناف في قضية ديموفيل ضد الحكومة بالرقم ١٠٣/٣د/٢٠١٢/١٨٤ مما يوجب تدخل محكمتنا لترجيح أحدهما .
وكانت دائرة محكمة الإستئناف الدائرة الرابعة قد قضت أن علاقة الصداقة ربما تؤثر _ في ظل ظروف محددة _ على حكم القاضي وذلك في قضية ديموفيل وأمرت بتنحية القاضي بسبب صداقته مع وكيل النيابة واستندت في حكمها على توصية لجنة الأخلاق التي وجهتها للقضاة بعدم قبول أو إرسال طلبات الصداقة للمحامين ووكلاء النيابة الذين يتكرر ظهورهم أمام محكمتهم لأن هذه الصداقة قد تظهر بأن المحامي لديه مكانة خاصة ويمتلك نفوذا وتأثيرا على القاضي وأن هذا السلوك قد ينتهك القاعدة ٢ ب من ميثاق الأخلاق. لكن الدائرة الثالثة في حكمها المطعون فيه أشارت إلى مخالقة الدائرة الخامسة لنهج قضية ديموفيل وذلك لعدة أسباب أهمها أن صداقة فيسبوك لا تعني بالضرورة وجود صداقة على أرض الواقع وأن المرء لا يمكنه تذكر أسماء الأشخاص الذين قام بقبول طلباتهم خاصة وأن بعضهم جاء كإقتراح من البرنامج نفسه وعليه قضت الدائرة الثالثة بأن الصديق على وسائل التواصل ليس بالضرورة صديقا بالمعنى التقليدي لكلمة "صداقة" وعليه قررت عدم وجود أساس لطلب التنحي.
إن طلب التنحي تحكمه المادة ١٠/٣٨ من القانون وقد أوجبت إرفاق إقرار مشفوع باليمين مع الطلب يبين خشية مقدم الطلب من أن لا يجد العدالة بسبب ميل القاضي ، كما يجب عليه أن يوضح الوقائع التي أدت لنشؤ هذا الإعتقاد . وأوجب القانون على قاضي المحكمة الذي يقدم له الطلب أن ينظر في قانونية الطلب وكفاية الأسباب مع امتناعه عن نظر صحة أو عدم صحة هذه الأسباب المقدمة ، وتواترت السوابق على ضرورة أن تقرر المحكمة فيما إذا كانت هذه الوقائع وبإفتراض صحتها تشكل سببا معقولا للتخوف من ميل أو محاباة القاضي .
هذه المادة وضعت لضمان تعزيز الثقة في النظام القضائي وفي ذات الوقت حرص المشرع على منع إساءة إستخدامها كذريعة لممارسة الإنتقاء بين القضاة أو كمبرر للمماطلة وتعطيل الدعوى أو لأي غرض آخر خلاف الحصول على محاكمة عادلة.
إن الأحكام الصادرة من محكمتنا صادقت على الدوام على المبدأ الراسخ بأن وجود صداقة بين القاضي والمحامي لا يعتبر سببا للرد (أنظر في ذلك سابقة ساسينق ماكنزي ضد سوبر كيد بارقنق ٥٦٥/٢د/١٩٩٠/١٣٣٢ وسابقة سميث ضد سانتاروس ٧٢٩/٢د/١٩٩٨/٩٤٤.
وفي هذه الدعوى لابد أن نقرر أن الصديق بالمعنى التقليدي هو شخص تربطك به مشاعر المودة والتقدير (قاموس ويستر ص ٩١١ طبعة ١٩٩١) غير أنه وحتى في الصداقة التقليدية فإن درجة تقارب كل صديق تختلف عن الآخر ولذا فإن مجرد وجود صداقة بحد ذاته لا يصلح سببا لطلب تنحي القاضي . إن الشخص الطبيعي لا يمكنه توقع محاكمة غير عادلة لمجرد وجود علاقة بين القاضي والمحامي ولهذا قضت سابقة ماكنزي المشار إليها سابقا بأن ( هناك للأسف إعتقاد عند بعض الناس بأن القاضي سيكون متحيزا للمحامي لمجرد وجود صلة بينهما مثل الصداقة أو عضوية كنيسة أو مجمع ديني واحد أو كونهما كانا زملاء دراسة في كلية واحدة أو حتى (شلة) دراسية واحدة ، غير أن هذه الإدعاءات وجدت جميعها غير كافية لتأسيس تخوف من عدم الحياد ، وبذلك حكمت المحكمة العليا في قضية ايفن ضد كولن ٥٨س و/٢د/ ١٩٥٦ أن الإدعاء بوجود صداقة بين ثلاثة من قضاة دائرة المحكمة العليا السبعة والحاكم ليست كافية لتنحيتهم من نظر الدعوى ، وكذلك وجدت المحكمة العليا في سابقة بال ضد باتسر ٢٩س و/ ١٩٤٦/٧٥٣ أن الإدعاء بوجود صداقة بين قاضي المحكمة العليا وأحد محامي الأطراف ليس كافيا لتنحيته وهذه السوابق جاءت في الصداقة الواقعية مما يقودنا لتناول صداقة فيسبوك محل هذا الطعن .
تأسس فيسبوك في ٤ فبراير ٢٠٠٤م وهو وسيلة تواصل إجتماعي تضم أكثر من مليار وستمائة وتسعون مستخدم نشط ويسمح لمستخدميه بإستضافة الأشياء ونشر وقراءة المنشورات والتعليق على الأحداث والأخبار كما يتيح أشكالا من التواصل كالدردشة المشفرة والكتابة على الحائط بما يسمح للآخرين برؤيتها على "التايم لاين" إضافة لإمكانية إضافة مستخدمين آخرين فيما يعرف بقائمة الأصدقاء عبر إرسال أو قبول الطلبات.
إن عبارة "صديق" في فيسبوك هو مصطلح فني لأنه يتواصل رقميا مع الصديق الآخر ، وصديق فيسبوك ليس بالضرورة صديق حقيقي في الواقع إذ تتنوع وتتباين العلاقة فتضم القائمة إصدقاء حقيقيين إضافة لغرباء بالكامل بل قد تشمل هذه الصداقات مشاهير وحيوانات وأحيانا أشياء تعتبر جمادات ولذا فإن وجود المحامي ضمن قائمة أصدقاء القاضي ليست سببا للتنحية وهذا ما يفسر إختلافنا مع ما قررته لجنة الأخلاقيات وما ذهبت إليه الدائرة الرابعة ولهذا قررنا شطب الطعن بعد أن وافقتني غالبية الأراء .
القاضي : بولستون :
أوافق الرأي الأول
القاضي : لاوسون
أوافق الرأي الأول
القاضي : لابراجا :
أوافق الرأي الأول ، غير أني أكتب هذه المذكرة لأحض وبشدة القضاة لعدم التسجيل في فيسبوك وبالنسبة للقضاة الجدد الذين يتم تعيينهم أو إنتخابهم فأنا أدعوهم لتعطيل حساباتهم .
كما ذكر الزملاء فإن صداقة فيسبوك لا تصلح سببا للتنحية ، غير أن رأي الزملاء في الرأي المعارض بأن الإنضمام لفيسبوك قد يقلل الثقة في القضاء وحياديته لا يخلو من وجاهة ولذا أقول أنه وإن كان لابد من التواصل الذي قد يضطر له القضاة المنتخبون فإنه يجب أن يظل محدودا على العائلة والأصدقاء الحقيقيين .
القاضي : بارينتي جي :
لا أوافق واتبنى وجهة نظر الدائرة الرابعة بأن وجود صداقة فيسبوك تقلل من الثقة في المحاكمة العادلة ، فالقضاة لا يملكون رفاهية تكوين شبكة علاقات إجتماعية حرة كالمراهقين ويجب الحفاظ على الثقة في الحياد . إن وجود صداقة على فيسبوك قد تستخدم للتأثير على القاضي وسبق أن ذكرنا أن القبول بوظيفة القضاء وأداء القسم وإرتداء رداء القضاة تعني القبول بمحدودية العلاقات وتقييد الحرية الشخصية كإلتزام وظيفي يحفظ النزاهة .
وأشير لأن المحكمة العليا لديها صفحة على فيسبوك تسمح للقانونيين بمتابعة أخبارها ويمكن للقضاة _ إن كان لا مناص من إستخدام التطبيق _ انشاء ذات النوع من الصفحات كبديل للصفحات الشخصية التي تفرض قبول الصداقات .
إن صداقة فيسبوك تفوق الصداقة الشخصية في التأثير ، فبمجرد أن يصير الشخص صديقاً لآخر فإن جميع المعلومات الشخصية تصبح متوفرة لديه ويكون على مقربة منه بحيث يكون مطلعاً على اراءه وأفكاره ومواقفه من مختلف المسائل وما يعجبه أو ما لا يعجبه وحتى نوع طعامه المفضل وما تناوله في وجبة الغداء وذلك بشكل يومي مما يجعله على قرب يمكنه من التأثير.
إن هذا الرأي المعارض يجب أن لا ينظر إليه كهجوم أو معارضة لإستخدام وسائل التواصل مثلما ذهب الرأي الرابع وإنما هي دعوة للإستخدام المسؤول عبر عدم إرسال طلبات أو إستخدام زر الرفض لأي طلبات صداقة قد تظهر القاضي بالمظهر غير المحايد طالما كان الطلب من محامي يتكرر ظهوره أمام المحكمة ولم تنقطع الصلة معه منذ سنوات لوجوده في ولاية أخرى أو ما شابه .
لقد كانت لجنة الأخلاق أول من أصدر هذه النصائح وشجعت القضاة على إستخدام منصات تواصل بديلة مثل "تويتر" و "لينكد إن" وعلى عدم إرسال طلبات صداقة أو قبول أي طلبات حال وجودهم بفيسبوك .
لذا كان رأيي قبول الطعن وقد وافقني في ذلك الزملاء لويس وكوينز .
القاضي : لويس
أوافق الرأي الخامس
القاضي : كوينز
أوافق الرأي الخامس .
القرار النهائي :
_ يرفض الطعن
0 تعليقات